أسباب بطؤ تقدم القوات الروسية وسرعة تقهقرها أمام الهجمات الأوكرانية

الصيد الثمين

التحالف يجمعنا
عضو مميز
إنضم
26/4/22
المشاركات
920
التفاعلات
2,106
أسباب بطؤ تقدم القوات الروسية وسرعة تقهقرها أمام الهجمات الأوكرانية

سوف نتكلم عن الأسباب الخاصة والعامة للتباطؤ الروسي على الجهات الأوكرانية، ونبدأ بالأسباب الخاصة.

فجبهة مدينة سيفرودنيسك توقفت بها القوات الروسية في محيط المنطقة الصناعية الكيميائية ومصنع أزوت لسببين الأول أن هذه المنطقة والمصنع مليء بالمواد الكيميائية السامة التي تسربها سوف يخلق لروسيا اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية، ومن جهة أخرى قام الأوكران باحتجاز مدنين معهم كدروع بشرية.

ومن ناحية أخرى من الجهة الغربية من المنطقة الصناعية وبعد ممر نهر دونتس حيث جبهة مدينة ليتشانسك وهذا الممر المائي عليه في مواجهة سيفرودنيسك جسران، وأثناء الحصار الأول للقوات الأوكرانية في المنطقة الصناعية، حاولت القوات الروسية والانفصالية عبور الجسر الجنوبي الذي يصل بالقسم الجنوبي من مدينة ليتشانسك، ولكنها جوبهت بمقاومة عنيفة وقوية بسبب أن دفاعاتها كانت متمركزة على هضبة وممكنة بتحصينات كرونكيتية عسكرية معززة بالرشاشات الثقيلة ومدفعية الهاون، وهو ما أسفر عن افشال محاولة الاختراق وتدمير الجسر الجنوبي من قِبل المقاومون الأوكران.

وبناءاً عليه أصبح الجسر الشمالي عصي لأنه محمي بنفس الطريقة الأولية، إلا أن الأوكران استغلوا سلامة هذا الجسر وأرسلوا إلى المنطقة الصناعية تعزيزات كبيرة من الفيلق الأجنبي تحت تغطية نيران الهضبات الدفاعية، والتي تعتبر أيضأ نقاط تهديف وتوجيه لنيران المدفعية الميدانية والصاروخية ضد القوات الروسية والانفصالية في سيفرودنيسك.

لذلك لجئت روسيا إلى فتح جبهات أخرى للتمكن من تطويق وعزل القوات المدافعة في هضاب مدينة ليتشانسك.

فحركت قواتها من جهة خاركييف من مدينة أيزوم نحو مدينة سيفاتوغورسك المقابلة لنهر دونتس من المنطقة الشمالية، نحو الشمال الشرقي من ليمان نحو سوفيانسك.

إلا أن الأوكران دمروا جسورهم الشمالية، وجسرين حيويين مقابل ريغروردوك أمام القوات القادمة من ليمان بتجاه سوفيانسك.

وتكرر المشهد في الجبهة الشمالية لثلاثة جسور على نفس النهر المشترك للجميع فكان العائق الأكبر لجميع الجبهات هو نهر دونتس، وهو ذات النهر الذي حصل عليه مجزرة الكتيبة الروسية على الجسر العائم مقابل خاركييف من الجهة الشرقية.

فكان من بطئ الحرب وتقدم القوات الروسية على جبهات عدة هو الجسور المدمرة أو القابلة للتدمير على نهر دونتس، مما أدى إلى توقف تقدم القوات الروسية في الجبهة الشرقية الرئيسية "جبهة سيفرودنيسك" والجبهة الشمالية "جبهة سوفيانسك"، وحتى الجبهة الجنوبية "جبهة باخموت" التي جوبهت بمقاومة شديدة جنوب ميكولايفكا لوجود هضبة دفاعية عريضة، هنا بدأت نشاطات الجبهة الجنوبية "جبهة باخموت" بعملية اقتحام جوي بالحوامات الناقلة المهاجمة مثل مي 8 ومي 17 المعززة بالحوامات الهجومية الناقلة مثل مي 24 ومي 35، خلف هضبة الحماية حيث كان الهجوم من الشرق، رافق ذلك تحرك أرضي ميكانيكي جنوبي سريع لمدرعات القوات المظلية للقيام بمهام استطلاع قتالي متقدم غرب الهضبة، حيث نقلت المهام من القوات الأرضية إلى القوى المجوقلة (المحمولة جواً) الروسية.

ونجاح القوات المجوقلة الروسية بالاستيلاء على الهضبة سوف يسهل تقدم مجموعات الكتائب التكتيكية المدرعة الروسية من الجنوب، ومن ثم تطويل جبهة مدينة ليتشانسك وتمكين الجبهة الشرقية الروسية من عبور الجسر إلى ما وراء نهر دونتس لتكمل مهامها القتالية بالاستيلاء على باقي إقليم الدونباس، وتحرير تقدم قوات الجبهة الشمالية متجاوزة لنهر دونتس.

ومما تقدم نلخص أن أسباب التباطؤ للجبهات الروسية محصور بعائقين طبعيين هما النهر والهضاب الدفاعية الأوكرانية.

أما التباطؤ من الناحية التكتيكية، فهو سياسة العسكر الروس التي تتمثل بالاستيلاء والسيطرة أو القضم والهضم.

وهي أنه بعد الاستيلاء تبدأ عملية السيطرة من خلال عمليات التمشيط ضد الكمائن الدفاعية والألغام الأرضية والأفخاخ الشراكية، وتعطيل وتدمير المواضع الدفاعية وتخويتها من مكوناتها اللوجستية، والتأكد من خلو هذه المناطق من العناصر القومية المتشددة النازية، وأخيراً لإتمام نشر عناصر وتجهيزات دفاعية عن المناطق التي تم السيطرة عليها.
 
أما عن سرعة التقهقر أمام الهجمات المرتدة الأوكرانية فقد توقف هذا الاجراء والسبب أن ألوية الدفاع المتحرك أو النشط موجودة في جبهة خاركييف أو غرب خاركييف حيث الألوية النخبوية الميكانيكية والسرايا المدفعية الحديثة الأمريكية والراجمات البريطانية، وسبب سرعة التراجع الروسي هناك إذا احتدم القتال هو إغراء الاندفاع والتهور الأوكراني إلى الكمائن والأفخاخ والهجمات المرتدة الروسية وجعلها عرضة لنيران روسية أدق وأكثر فاعلية أرضية وجوية بسبب انكشاف الآليات الأوكرانية لتحركها من مكامنها الخفية.
 
وخلاصة القول يبدو أن روسيا ليست جادة في اختراق المواقع الدفاعية الأوكرانية، إنما جادة بدفعها للإنهيار من خلال كثافة ودقة الضربات الأرضية والجوية، وهذا يسهل عليها التقدم فيما بعد.
 
والخلاصة لما تقدم، أن روسيا تحت أي عنوان تبقى دولة قوية وثاني قوة تقليدية على مستوى العالم، ولها تاريخ تجريبي طويل بالحروب، فهل بالفعل عجزت عن تسريع عمليتها العسكرية في الدونباس؟

إلا أن يكون لها استراتيجيات أخرى خفية، مثل الرغبة في إطالة الحرب لتحقيق أهداف استراتيجية عميقة وغير معلنة، أو تريد بالنيران المباعدة الأرضية والجوية الكثيفة والمركزة والدقيقة في أكثر الأحيان لخلق انهيار في الجبهة الأوكرانية خاصة مع عزل هذه الجبهة عن امداداتها اللوجستية الغربية.

وهناك أيضاً ما يلفت الأنظار أن روسيا بدأت تحرز تقدم جزئي في الجبهة الشمالية وبدأت تكثف حشودها في الجبهة الشمالية، وكذلك الأمر في الجبهة الجنوبية، وهو ما يوحي أن هناك عملية اجتياح كبيرة من أحد الجبهتين وربما الجبهتين معاً.

ولكن الغالب أن الهجوم الكبير سوف يكون من الجنوب لإنهاء السيطرة على باقي مناطق دونيتسك ولوغانسك، أما الحشود الشمالية فهي حدودية شمال خاركييف فغالباً وجهتها منطقة خاركييف.
 
عودة
أعلى