- إنضم
- 12/12/18
- المشاركات
- 2,661
- التفاعلات
- 18,086
أحذر .. لقد تم تحديد موقعك والعدو على وشك تسديد نيرانه باتجاهك !!
المستوى الثاني لقابلية النجاة يتحدث عن تجنب التعرض للضرب والإصابة في حال الكشف والرصد. فعندما يكتشف العدو دبابة أو عربة أرضية صديقة، لا يكون هناك العديد من الخيارات الفعالة لتفادي المشاغلة أو الاشتباك engagement. ويتباين هذا الأمر من حيث ردود الأفعال بين عربات المشاة القتالية IFV وبين دبابات المعركة الرئيسة MBT. ففي معارك الدبابات مع بعضها البعض Tank-on-Tank، الرد الكلاسيكي يكون بإطلاق النار أولاً وقتل التهديد قبل أن يبدأ هو بالرمي والمشاغلة. لكن العربة المقاتلة الأرضية ليست دبابة وليس من المحتمل أن يكون لديها سلاح فعال في الداخل قادر على تحطيم دبابة العدو بسرعة قبل أن تشاغلها. عموماً جميع العربات الأرضية وبكافة أنماطها ومسمياتها، مهيأة لاستخدام قابلياتها على المناورة خلال معظم أنواع التضاريس لتفادي وتجنب الاشتباك حتى إذا تم اكتشافها (بالنسبة للدبابات، تجنب الاشتباك تحدده طبيعة التهديد ومستواه). إن تبني المواقع المستترة والبعيدة عن مراقبة العدو defilade positions وكذلك التخندق خلف السواتر الرملية، هما نوعان من تكتيكات التخفي التي تستطيع عموم العربات الأرضية استغلالهما لتفادي الاشتباك. تلك التكتيكات يمكن أن تدمج مع ستائر أو حواجب الدخان الذاتية التي تطلق من قاذفات جانبية في برج العربة الأرضية لتخفيض إمكانية المشاغلة.
عندما يباشر العدو إطلاق نيرانه باتجاه العربة الأرضية المقاتلة بغض النظر عن توصيفها، فإن يتحتم على هذه الأخيرة القيام بإجراءات عديدة لتجنب الإصابة. فإذا كان بالإمكان اكتشاف وتعيين مصدر النيران القادمة، فإنه يمكن إتباع وتجربة عدة وسائل لتلافي الإصابة، بضمن ذلك إتباع مناورات المراوغة والتملص evasive maneuver، الخداع والتضليل الإلكتروني (الذي يدعى القتل الناعم soft kill) أو تفعيل الإجراءات النشطة (التي تدعى القتل الصعب hard kill). التسلسل الزمني للعمل ورد الفعل يمكن أن يكون قصير جداً، ليتراوح بين أجزاء من الثانية للنيران المباشرة الخاصة بالتهديدات القريبة، إلى ثواني عديدة لبعض الصواريخ المضادة للدبابات بعيدة المدى (تستغرق زمن أطول نسبياً للوصول وبلوغ أهدافها). لذا، مناورات المراوغة والتملص يمكن أن تكون مفيدة ونافعة لتفادي الصواريخ الموجهة الأبطأ حركة، مثل مقذوفات الجيل الأول من نوع Sagger سوفيتية الصنع التي ما تزال في عهدة وملاكات بعض جيوش دول العالم الثالث. على أية حال، مناورات المراوغة لن تكون فعالة في مواجهة الأسلحة السريعة مثل النيران المباشرة لمقذوفات الطاقة الحركية المطلقة من الدبابات، وكذلك الأمر بالنسبة للصواريخ الأحدث المضادة للدبابات التي تتجاوز سرعتها سرعة الصوت supersonic، وبعض أسلحة التتبع والتعقب الآلي التي تستعين بتقنيات أطلق وأنسى fire-and-forget.
أما بالنسبة لأدوات الخداع والتضليل الإلكتروني أو ما يسمى بمنظومات القتل الناعم، فهذه تتضمن المشوشات تحت الحمراء ومقلدات أو مزيفات الكشف الليزري والمشوشات الرادارية. هم يستطيعون منع وسيلة التوجيه في الصاروخ من البقاء في وضع الاستحواذ أو القفل locked on على العربة المقاتلة الأرضية، كما يمكنهم حماية العربة بالتسبب في خطأ وفقدان الصاروخ لهدفه أو منع الرأس الحربي للسلاح من التحفز والانفجار. على أية حال، الإجراء المضادة أثبتت إلى حد ما صعوبة تطبيقها وانجازها على نحو مرضي، لأنها يجب أن يصمموا ويكيفوا إلى تهديد معين particular threat. هم لا يوفرون دفاع شامل وجامع للطيف الأكبر من التهديدات. على سبيل المثال، مشوش رادار الموجة المليمترية سوف لن يعمل تجاه مقتفي أو متتبع الإشعاع تحت الأحمر. علاوة على ذلك، عندما تعرض المشوشات تغطية شاملة umbrella coverage (حزمة عريضة أو غطاء مستمر من التشويش)، فإنها يمكن أن تتسبب بتأثيرات سلبية أيضا على الاتصالات الصديقة والأنظمة الإلكترونية الأخرى. هذا الخلل أو النقيصة ممكن أن يحدد فائدتهم وقيمتهم في بعض الحالات. على سبيل المثال، بعض أجهزة التشويش التي استخدمت لمواجهة أدوات التفجير المرتجلة IED في العراق وأفغانستان عرقلت الاتصالات الراديوية الطبيعية للجنود الأمريكان. إن استخدام الإجراءات الإلكترونية الدفاعية المضادة electronic counter-measures في المعركة الأرضية يمكن أن يأتي بنتائج وعواقب غير متوقعة. فتعديلات طفيفة في بعض المعطيات، مثل ذبذبات الإرسال الراديوية، أو أشكال الهوائيات، أو التوجيه والتكييف orientation، يمكن أن تتسبب في تغييرات كبيرة في مستويات التأثير. في النزاعات الأخيرة، أثبت الطرف الآخر في العديد من الحالات قدرته على المواءمة والتكيف السريع adaptive واستخدام التقنيات الجديدة لإعاقة وإحباط الإجراءات المضادة. بالنتيجة، الإجراءات الإلكترونية الدفاعية المضادة لا يمكن الاعتماد والركون إليها لتأمين الحماية الكاملة والشاملة complete protection.
أما بالنسبة لأنظمة الحماية النشطة، فهذه تعمل على اكتشاف detects، مشاغلة engages، تدمير أو تحييد neutralizes الخطر القادم قبل أن يتمكن من ضرب العربة المحمية. حيث يقوم النظام بشكل نشيط بإطلاق نوع من الذخيرة الفرعية لاعتراض التهديد وتدميره عند مسافة آمنة من محيط العربة الأرضية. بضعة أمثلة مبكرة على أنظمة حماية نشيطة APS تم اختبارها والتعاقد عليها، لكن تأثيرها كان دائماً عرضة للنقاش ووجهات النظر. عدة أمم، بما في ذلك الولايات المتحدة، طورت أنظمتها الخاصة للحماية النشطة. هذه الأنظمة يتطلب منها مواجه عدة تحديات تقنية وعملياتية هامة مثل (1) العمل ضمن شروط وضغوط بيئية وزمنية متنوعة (2) السيطرة والمناعة تجاه إجراءات العدو المضادة (3) عدم تشكيل أي تهديد إلى القوات الصديقة المرافقة والمدنيين (4) مناسب في الحجم لتحميله على العربات الأرضية دون تكلف إضافي (5) سعر مخفض لتعميم الاستخدام. إن الزمن القصير المتوفر لاكتشاف التهديدات الموجهة نحو عربات القتال الأرضية وردة الفعل أو الاستجابة المتطلبة تجاهها، تمثل من المحتمل التحدي التقني technical challenge الأكثر أهمية والذي يركز عليه أكثر المحللين عندما يناقشون أنظمة الحماية النشطة. فقذيفة كتفيه تعمل بالدفع الصاروخي تطلق من مسافة قصيرة نسبياً سوف تحتاج لنظام حماية نشيط عالي الكفاءة لاكتشاف ورد الفعل خلال ثانية واحدة فقط أو أقل.
الزمن المتوفر لكشف المقذوفات القادمة قد ينخفض ويقل أكثر إذا كان نظام السيطرة والتحكم في النظام يعاني من مشكلة أو خلل ما. فوضى واضطراب ساحة المعركة (أجسام صناعية أو ميزات ومعالم طبيعية يمكن لها أن تحدث أصداء إشارات وتكرارات خاطئة false signal echoes) التي يمكن أن تخفض مدى كشف النظام وتعرض أهداف خاطئة أو زائفة. مشوشات رادارات العدو ربما لها نفس التأثير. بالنتيجة، نظام الحماية النشط قد يتأخر في الكشف أو لا يكتشف أبداً المقذوف القادم. وكقاعدة عامة، النظام الذي يستغرق زمن أطول لالتقاط وانتشال المقذوف القادم من التشويش والفوضى الأرضية، هو النظام الذي يكون له زمن أقل للاستجابة وردة الفعل. وعندما يكتشف نظام الحماية النشط قذيفة قادمة، فإنه يتحتم عليه أولاً تعقبها لفترة زمنية لتقرير وتحديد إذا كان مسارها trajectory يشكل خطراً على العربة. معظم الأنظمة تقوم بهذه العملية عن طريق إجراء حساباتها حول القذيفة التي ستعبر خلال المنطقة أو القطاع الذي يعتقد أنه محمي protected area. بعد ذلك النظام سيحاول اعتراض هذه القذيفة قبل وصولها أو بلوغها مرحلة التهديد الجدي للعربة.
أغلب أنظمة الحماية النشطة قيد التطوير تستخدم مقذوفات متفجرة كأداة أو وسيلة للاعتراض intercepting device. يتفاوت حجم مقذوفات الاعتراض لكن أغلبها يعتمد على رؤوس حربية متشظية مع شحنات شديدة الانفجار، مشابهة في عملها لقذائف المدفعية. الخشية من الإصابة والجروح بتأثير الأجزاء وشظايا الانفجار الناتج عن مقذوفات الاعتراض أثناء عملها يثير مخاوف وقلق عظيم لأفراد الجنود القريبين من العربة أو العربات الأخرى. الحقيقة بأن دورات الاعتراض يجب أن تطلق آليا automatically دون تدخل إنساني لكي تواجه متطلبات المراحل الزمنية المستحقة التي تتعلق بعملية الاعتراض. الخبراء في الولايات المتحدة وإسرائيل درسوا هذه المشكلة، وكان لهم توجه لاختيار مقذوفات اعتراض لأنظمتهم مع تخفيض عامل التأثير والأضرار تجاه الأفراد خارج العربة.. التحديات يمكن أن تتضاعف وتتزايد مع احتمالات لجوء العدو لتكتيكات معينة أو إجراءات قمع وإخماد دفاعية suppression measures لتحييد فعالية أنظمة الدفاع النشط. تلك الإجراءات يمكن أن تتراوح وتمتد من المشوشات والفخاخ الخداعية المتطورة، وصولاً حتى إطلاق وابل من المقذوفات الرخيصة العاملة بالدفع الصاروخي والمتوفرة بشكل كبير لغمر وإشباع منظومة الدفاع.
